مستقبل مجال تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها
هل لهذا المجال مستقبل من ناحية التطوّر الوظيفي؟
الجواب باختصار، نعم. أما بالنسبة للتفاصيل، فيمكن ذكرها على شكل نقاط.ـ
أولًا: هذا المجال، رغم كثرة العاملين فيه، وكثرة المراكز التي تقدّم خدمات تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها حول العالم وفي الأردن تحديدًا، إلا أنّ ما يُقدّم في هذا المجال ليس مشبِعًا للمجال بحيث لا يمكن للمتميّزين أن يقدّموا شيئًا في هذا المجال. على العكس تمامًا، المجال ما زال مفتوحًا لتأليف مناهج تغطّي الحاجات المختلفة للمتعلّمين الكثيرة، فبعضهم يتعلّم لغايات تواصلية، والبعض الآخر لغايات دينية، والبعض الآخر لغايات إعلامية، والبعض الآخر لغايات اجتماعية، والبعض الآخر لغايات مهنية وظيفية، وهكذا. أضرب مثالًا واحدًا في هذا السياق، لنفترض أن لدينا متعلّمًا يريد تعلّم العربية لغايات تواصلية، يعني أنه يريد التواصل مع أهل اللغة باللغة المحكية العامية. لو سألنا، ما المناهج المتوفّرة لتعليم العامية الأردنية أو الفلسطينية؟ أقصد مناهج وكتب جيدة بالفعل قادرة على شرح العامية والتقعيد لها بشكل منهجي وبناء مفرداتها وتراكبيها بشكل منهجي. في نظري، ما زالت هذه المناهج والكتب غير متوفّرة.ـ
ثانيًا: بحكم خبرتي في هذا المجال، أزعم أنّ المتميّزين كأساتذة في هذا المجال قِلّة قليلة. والسبب في نظري، أنّ معظم الأساتذة العرب ما زالوا مقيّدين في نظرهم للغة العربية وتعليمها بالطريقة الكلاسيكية، من حيث دراسة النحو والصرف والبلاغة وغيرها من علوم اللغة، على الطريقة القديمة. وفي حقيقة الأمر، هذه الطريقة الكلاسيكية غالبًا لا تناسب المتعلّمين غير الناطقين بالعربية لسببين رئيسين: الأول أنهم ليسوا بعرب وليس لديهم السليقة التي يمكن الاعتماد عليها كما هو الحال مع المتعلّمين العرب الأصليين. والسبب الثاني هو أنّ الخطة التعليمية التي ينبغي اعتمادها يجب أن تكون مبنية على الغاية التي يتعلّم من أجلها الطالب. أضرب مثالًا واحدًا في هذا السياق، لنفترض أن لدينا متعلّمًا يريد تعلّم العربية لغايات تواصلية، يعني أنه يريد التواصل مع أهل اللغة باللغة المحكية العامية. ما الفائدة المرجوّة من التركيز على الإعراب مثلًا وقضاء ساعات طويلة على هذا الجانب اللغوي؟ هذا ليس تقليلًا من شأن الإعراب في اللغة. لا بالطبع. ولكن السؤال، ما فائدة التركيز على هذا الجانب في حق هذا الطالب الذي يريد التكلّم مع الناس بالعامية، ولا يهدف إلى إتقان الفصيحة أو العمل في مجال الإعلام مثلًا أو الكتابة؟
ثالثًا: الأستاذ المتميّز، إن جمع مع تميّزه كأستاذ قدرته على التدريب في هذا المجال، فيمكن أن تنفتح أمامه الفرص الكثيرة في مجال التدريب. بالإضافة إلى التخصص والفهم العميق لإطارات تحديد المستويات اللغوية للمتعلّمين مثل إطار المجلس الأمريكي
ACTFL
وإطار الدائرة المستديرة
ILR
والإطار الأوروبي
CEFR
رابعًا: بعد جائحة كورونا، تفتّحت أعين العالم على مجال التعليم عن بعد، وتكنولوجيا التعليم، بشكل عام. وكذلك الأمر بالنسبة للذكاء الصناعي وإدماجه، هو والتكنولوجيا، في مجال التعليم عمومًا، وفي حالتنا، مجال تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها خصوصًا. أزعم أن هذا المجال ما زال في بدايات بداياته والآفاق أمامه واسعة جدًا. فإن بذل العامل في هذا المجال جهدًا في تطوير قدراته وفهمه لعالم التكنولوجيا والذكاء الصناعي، وخصوصًا مجال النماذج اللغوية الضخمة، فأزعم أنه سيبدع في هذا المجال وربما يكون من الروّاد الجدد.ـ
ألقِ نظرة على منصّتنا التي أنشأناها باستخدام الذكاء الصناعي:ـ